دراسة حول علاقة السببية بين الخطأ والضرر
دراسة حول علاقة السببية بين الخطأ والضرر .
لعلاقة السببية أهمية كبرى في مجال المسئولية المدنية, فهي التي تحدد الفعل الذي سبب الضرر وسط الأفعال المتنوعة المحيطة بالحادث, فهي تستقل تماما في كيانها عن الخطأ, فإذا وقع الضرر وكان السبب في وقوعه هو الفعل غير المشروع للمدعي عليه, فان المسئولية المدنية تنشأ في هذه الحالة. وعلى العكس فإذا ثبت أن الفعل غير المشروع الذي وقع من جانب المدعي عليه لم يكن له أثر في حدوث الضرر فان المدعي عليه سيكون معفي من المسئولية. وتمارس محكمة النقض رقابتها بهدف التأكد من أن قضاة الموضوع قد أوضحوا وجود علامة سببية أو عدم وجودها.(1) وتنص المادة 163 مدني على ” كل خطأ سبب ضررا للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض. ومع ذلك إذا وقع الضرر من شخص غير مميز ولم يكن هناك من هو مسئول عنه، أو تعذر الحصول على تعويض من المسئول، جاز للقاضي أن يلزم من وقع منه الضرر بتعويض عادل، مراعيا في ذلك مركز الخصوم”.(2) وبذلك قد اشترط المشرع لحصول المضرور على التعويض أن يكون الخطأ قد سبب ضررا أي أنه لابد من توافر علاقة السببية بين الخطأ والضرر. كما أورد المشرع في المادة 165 مدني الأسباب الأجنبية التي يمكن ندفع بها مسئولية المدعي عليه بنصه على أنه ” إذا أثبت الشخص أن الضرر قد نشأ عن سبب أجنبي لا يد له فيه ، كحادث مفاجئ أو قوة قاهرة أو خطأ من المضرور أو خطأ من الغير ، كان غير ملزم بتعويض هذا الضرر ما لم يوجد نص أو اتفاق على غير ذلك.
المطلب الأول
انعدام السببية لقيام السبب الأجنبيتنص المادة 165 مدني على ” إذا أثبت الشخص أن الضرر قد نشأ عن سبب أجنبي لا يد له فيه ، كحادث مفاجئ أو قوة قاهرة أو خطأ من المضرور أو خطأ من الغير ، كان غير ملزم بتعويض هذا الضرر ما لم يوجد نص أو اتفاق على غير ذلك”(1).وعلى ذلك فالسبب الأجنبي الذي يترتب عليه انعدام رابطة السببية هو: القوة القاهرة أو الحادث المفاجئ وخطأ المضرور وخطأ الغير(2).وتقضي المادة 261 من القانون الأردني بأنه إذا أثبت الشخص أن الضرر قد نشأ عن سبب أجنبي لا يد له فيه كآفة سماوية أو حادث مفاجئ أو قوة قاهرة أو فعل الغير أو فعل المتضرر كان غير ملزم بالضمان ما لم يقضي القانون أو الاتفاق بغير ذلك. وهذه المادة مقتبسة من المادة 165 مدني مصري ومثلها المادة 211 مدني عراقي مع تعديل طفيف لا يخفي أنها مقتبسة من النظرية الغربية (3). وقد أفرد المشرع اليمني نصا خاصا هو المادة 309 التي تقابلها المادة 165 من القانون المدني المصري, ويلاحظ على هذا النص أنه لم يبين المقصود بالسبب الأجنبي, واكتفى بالتمثيل له بذكر صورة تقليدية وهي الحادث الفجائي أو القوة القاهرة وخطأ المضرور وخطأ الغير(4). والقضاء المصري غالبا ما يكتفي عند تحديد السبب الأجنبي بأن يرد التطبيقات الثلاثة للسبب الأجنبي كلها أو بعضها أو الاكتفاء بالقول أن السبب الأجنبي الذي لا يد له فيه(5).والقليل فقط هم الذين عرفوا السبب الأجنبي, حيث عرفه الدكتور سليمان مرقص بأنه فعل أو حادث معين لا ينسب إلى المدعي عليه ويكون قد جعل منع وقوع الفعل الضار مستحيلا. كما عرفه الدكتور نعمان جمعة بأنه كل ظرف أو حدث يكون قد توفر فيه شرطان الأول: استقلاله عن شخص المدعي عليه والثاني: إحداثه أو مشاركته في إحداث الضرر. وقد عرفته الشريعة الإسلامية على أنه ما لا يمكن الاحتراز فيه لا ضمان فيه, وهذا من حيث المعنى يقابل المعنى المقصود من فكرة السبب الأجنبي.
{1} القوة القاهرة أو الحادث المفاجئ:-
يذهب فريق إلى التفرقة بين الحادث المفاجئ والقوة القاهرة وعدم اعتبارهما واحدا. فيعرفون القوة القاهرة بأنها حادث خارجي عن نشاط المدين من المستحيل توقعها أو تجنب حدوثها, فهي تنجم عن قوة أجنبية أو خارجية(1). أو هي الواقعة التي لا يكون في طاقة الشخص أن يدفعها أو أن يمنع أثرها(2). ويعرفون الحادث الفجائي بأنه حادث داخلي محض يتولد من نفس دائرة نشاط المدين(1), أو هو الواقعة التي لا يمكن توقعها(2).وقد اختلف الفقهاء في تعداد الشروط الواجب توافرها لكي تعتبر الواقعة قوة قاهرة, ولكن استقر الرأي على أن شروط القوة القاهرة اثنين, عدم التوقع وعدم الدفع. وعلى ذلك فان جمهور الفقه والقضاء سواء في فرنسا أو مصر مستقر على تطلب شرطي عدم التوقع وعدم الدفع لقيام القوة القاهرة ويتطلبها كشروط ضرورية, بل إن تطلب شرطي عدم التوقع وعدم الدفع ارتبط كما يبدو بظهور القوة القاهرة والحادث الفجائي في الفكر القانوني.
الشرط الأول : عدم إمكان التوقع
يجب أن تكون القوة القاهرة أو الحادث الفجائي غير ممكن التوقع ويستحيل دفعه أو التحرز منه, فإذا أمكن توقع الحادث حتى لو استحال دفعه لم يكن قوة قاهرة أو حادثا فجائيا. ويجب أن يكون الحادث غير مستطاع التوقع لا من جانب المدعي عليه فحسب .
تكملة الموضوع اضغط على الرابط :
https://yemenlaw2.blogspot.com/2020/11/blog-post_46.html?m=1